
أسيزي - «رَمِّم كنيستي»، جملة سمعها القدّيس فرنسيس الأسّيزي بينما كان يصلّي في بلدته الإيطاليّة أمام أيقونة ليسوع المصلوب معلّقة في كنيسة على اسم القدّيس دميانوس.
كان فرنسيس في بداية رحلة اهتدائه إلى المسيح. فبعدما حَلمَ بالفروسيّة والانطلاق إلى الحروب الصليبيّة، رأى المسيح يسأله في المنام وهو في منطقة سبوليتو: «من تريد أن تخدم؟ السيّد أم العبد؟»، فأجاب الأسيّزي: «السيّد». عندها طلب الربّ منه العودة إلى مسقط رأسه بدل الذهاب إلى الشرق للمحاربة.
وفي خلال مراحل تحوّله إلى صورة حيّة عن المسيح، مرَّ فرنسيس حوالى عام 1206 أمام كنيسة للقدّيس دميانوس قرب أسّيزي. هناك، اجتذبه الروح القدس، فتوقّف مصلّيًا أمام الإله المعلّق على خشبة. وبينما كان في حالة خشوع، شاهد وجه يسوع المصلوب يحرّك شفتَيْه في الأيقونة ويسأله ترميم كنيسته المخرّبة.
فغَمرتْ القدّيس حالةُ سلامٍ عميقة. واعتقد فرنسيس أنّ الله يسأله ترميم كنيسة القدّيس دميانوس المدمّرة، لكن تبيَّن بمرور الوقت أنّ يسوع أراد منه إعادة شعبه إلى الإيمان.
انتقال المصلوب إلى أسّيزي
وفي دير القدّيس دميانوس، سكنت بعدها القدّيسة كلارا الأسّيزيّة لمدّة 42 عامًا مع 50 راهبة أخرى، حتّى وفاتها في 11 أغسطس/آب 1253. فتمكّنت هي أيضًا من الصلاة مرّات عدّة أمام الأيقونة.
وعندما قرّرت راهبات الكلاريس التخلّي عن السكن في هذا الدير نظرًا إلى وقوعه خارج أسوار مدينة أسّيزي، ما يعرّضهنّ لأخطار عدّة، انتقلنَ سنة 1257 إلى داخل أسّيزي وحملنَ معهنَّ صليب القدّيس دميانوس حيث ما زال المؤمنون يُكرّمونه حتّى اليوم.
معانٍ لاهوتيّة
يُعتَقَد أنّ كاتب الأيقونة راهب سوريّ من القرن الثاني عشر، إذ كانت منطقة فالّي سبوليتينا المجاورة لأسيّزي تحتضن رهبانًا من بلاد الشام. وتحمل الأيقونة البيزنطيّة معانيَ خاصّة، ففي أعلاها، يبدو المسيح صاعدًا باتّجاه يَد الآب المبارِكَة. ويتوسّط الأيقونة المسيح المصلوب، وعيناه مفتوحتان علامةً على أنّه غلب الموت. ويستلقي يسوع على خلفيّة سوداء تشير إلى الموت، وحوله خطّ أحمر يرمز إلى نار الروح القدس.
وإلى كلّ جهة في الأيقونة، شخصيّات ارتبطت بحدث صلب المسيح. وإلى جانب رِجْل المصلوب اليسرى، ديكٌ يرمز إلى حلول النهار مع وجود يسوع، نور العالم. وتحت قدمَيْ المصلوب قدّيسون يُغسَلون بدمائه المقدّسة. ودلالةً على كهنوته، يلبس يسوع في اللوحة لفافة قماش بسيطة من كتّان، على مثال كهنة العهد القديم. ويحيط بالأيقونة صَدَفٌ يدلّ على الجمال والأبديّة.
المصدر: الياس الترك، آسي مينا.